بدون رقابة
اتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن للمرة الأولى, ليل الثلاثاء الأربعاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين بارتكاب “إبادة جماعية” في أوكرانيا، وهو مصطلح سبق أن استخدمه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لكنه لم يصدر عن الإدارة الأميركية من قبل.
وقال بايدن لصحافيين في آيوا “نعم، لقد قلت عنها إنّها إبادة جماعية”، وذلك بعد ساعات من استخدام الرئيس الأميركي للمرة الأولى هذا المصطلح في خطاب خصّصه لجهود التصدّي للتضخم.
محتويات الخبر
خسائر أوكرانيا
وأضاف “من الواضح أكثر فأكثر أنّ بوتين يحاول ببساطة إلغاء فكرة أن يكون بوسع المرء حتى أن يكون أوكرانياً”. وتابع “سنترك للمحامين على المستوى الدولي أن يقرّروا” ما إذا كانت الجرائم المرتكبة في أوكرانيا هي فعلاً إبادة جماعية أم لا، “لكن من المؤكد بالنسبة لي أنّ الأمر يبدو كذلك”.
وإذ لفت الرئيس الأميركي إلى أنّ “الأدلّة تتراكم” على “الأمور المروّعة التي فعلها الروس في أوكرانيا”، توقّع أن “نكتشف المزيد والمزيد” عن حجم الدمار في أوكرانيا.
تبادل أسرى روسيا وأوكرانيا
رحّب الرئيس الأوكراني في تغريدة بـ”كلمات حقيقية لقائد حقيقي” لأن “تسمية الأمور بأسمائهم هو أمر أساسي لمواجهة الشرّ”، مطالبًا بتزويد بلاده “بأسلحة ثقيلة بشكل عاجل”.
وأوقفت السلطات الأوكرانية النائب والملياردير الأوكراني فيكتور ميدفيدشوك المقرّب من بوتين، ونشرت صورة له ظهر فيها بشعر أشعث ومكبّل اليدين مرتدياً بزّة الجيش الأوكراني.
وميدفيدشوك وهو من أغنى أغنياء أوكرانيا يثير جدلاً واسعاً بسبب العلاقات الوثيقة التي تربطه بموسكو. ويعتبر بوتين من الأصدقاء الشخصيين لرجل الأعمال البالغ 67 عاما وهو عراب ابنته الصغرى داريا.
وكان ميدفيدشوك خاضعاً للإقامة الجبرية منذ العام الماضي بتهمة الخيانة بعد اتهامات له بمحاولة سرقة موارد طبيعية من شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من أوكرانيا العام 2014 وتزويد موسكو أسرارا عسكرية اوكرانية.
ورفض الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف التعليق على نبأ إلقاء القبض على ميدفيدشوك قائلا لوكالات أنباء روسية “ثمة أخبار مضللة كثيرة تصدر من أوكرانيا. ويجب التحقق من هذه المعلومة”.
ومساءً، عرض زيلينسكي على روسيا “تبادل” ميدفيدشوك بالأوكرانيين المحتجزين لدى روسيا، في وقت تتعثّر المفاوضات بين كييف وموسكو. وفي وقت سابق الثلاثاء، اعتبر بوتين أن “عدم اتّساق” المفاوضين الأوكرانيين يمنع التوصل إلى أي اتفاق.
روسيا وأوكرانيا
ميدانيًا، يستمر الوضع تدهورا. أكّد حاكم منطقة دونيتسك بافلو كيريلنكو في مقابلة مع شبكة “سي.ان.ان” الإخبارية الأميركية “مقتل ما بين 20 ألفا و22 ألف شخص في ماريوبول”. وأقرّ بـ”صعوبة تحديد عدد الضحايا”، نظراً للحصار المفروض على المدينة.
والمدينة محاصرة ومعزولة عن العالم وتتعرض للقصف منذ أكثر من 40 يومًا.
وكتب رئيس بلدية المدينة فاديم بويشنكو عبر تلغرام ليل الثلاثاء أن “العملية الخاصة الوحيدة التي أنجزها بوتين هي عملية خاصة تهدف إلى تدمير ماريوبول وقتل مدنيين”.
وأضاف “ألمانيا الفاشية عام 1941 كانت تبدو لا تُقهر. لكن في نهاية المطاف، عوقب الشرّ. فقد تعفّن مجرمو الحرب في السجون أو تمّ القضاء عليهم. على مدى عقود، قدّم الألمان سبل انتصاف. سيحصل الأمر نفسه مع روسيا. سيدفعون ثمن كلّ شيء”.
ومن شأن سيطرة الروس على ماريوبول تعزيز مكاسبهم الميدانية على الشريط الساحلي المحاذي لبحر آزوف من خلال ربط مناطق دونباس بشبه جزيرة القرم.
وجود مجمع صناعي ضخم في ماريوبول حوّلته القوات الأوكرانية إلى إلى موقع محصّن ويضمّ مساحات تحت الأرض تمتد لكيلومترات، يعطي مؤشرًا إلى أن معركة السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية ستكون ضارية، وصولا حتى إلى استخدام الانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس أسلحة كيميائية.
وصرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن “القوات الروسية قد تستخدم مواد لمكافحة الشغب مختلفة بما في ذلك الغاز المسيل للدموع الممزوج بمواد كيميائية” ضد “المقاتلين والمدنيين الأوكرانيين في إطار حملتها العدوانية للاستيلاء على ماريوبول”.
في المقابل، أكد نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف لوكالة “ريا نوفوستي” أنه بالنسبة لموسكو “التهديد بإرهاب كيميائي” يأتي من جانب الأوكرانيين.
ومنذ أن أعلنت روسيا سحب قواتها من منطقة كييف لتركيزها بشكل أفضل في شرق البلاد، استعاد الأوكرانيون السيطرة على كافة المدن الواقعة قرب العاصمة والتي دُمّرت جراء المعارك.
تؤكد السلطات الأوكرانية وجود مشاهد “مجازر” في هذه المدن وتتّهم موسكو بارتكاب “جرائم حرب”.
أُخرجت الثلاثاء جثة رئيس بلدية غوستوميل يوري بريليبكو الذي قُتل في السابع من نيسان/أبريل، لعرضها على محققين أوكرانيين، في إطار تحقيق يرمي إلى تحديد ما إذا كان بريليبكو ضحية جريمة حرب. وأفاد صحافيون في وكالة فرانس برس كانوا في المكان أن جثّته أُخرجت من التابوت وصوّرت الشرطة كل جرح من جروحه، وأحدها في رأسه.
ضحايا أوكرانيا
وأعلنت النيابة العامة الأوكرانية الثلاثاء العثور على جثث ستة أشخاص قتلوا بالرصاص في قبو بضاحية كييف الشرقية، لتُضاف إلى مئات الجثث التي عُثر عليها في الأسبوعين الأخيرين في محيط العاصمة.
ليس هناك حصيلة ضحايا مدنيين حديثة متوفرة حاليًا لكن العدد يتجاوز على الأرجح عشرات آلاف القتلى. وأثار العثور على عدد كبير من الجثث مطلع نيسان/أبريل في بوتشا قرب كييف، موجة تنديد دولية.
ووصف بوتين الذي تنفي بلاده مسؤوليتها عن أي فظائع في أوكرانيا، الثلاثاء “الاتهامات الموجهة إلى الجنود الروس بارتكاب مجازر بحق مئات المدنيين في بوتشا، بأنها “مضلّلة”.
على الصعيد العسكري، أقرّ الكرملين مؤخرًا بتكبده “خسائر فادحة” لكن بدون إعطاء أرقام. أواخر آذار/مارس، أقرّت موسكو بمقتل 1351 جنديًا من أصل 3825 جريحًا.
يرى محللون أن الرئيس الروسي الذي اصطدم هجومه على أوكرانيا بمقاومة شرسة، يريد أن يحقق انتصارا في دونباس قبل العرض العسكري الضخم في الساحة الحمراء في 9 أيار/مايو بمناسبة ذكرى انتصار السوفيات على ألمانيا النازية عام 1945.
وفرّ أكثر من 4,6 ملايين لاجئ أوكراني من بلادهم منذ الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير، وفق تعداد مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
وأدت الحرب في أوكرانيا إلى سلسلة تداعيات على الاقتصاد العالمي وإلى ارتفاع في اسعار الطاقة والمواد الغذائية ما من شأنه أن يفاقم الفقر والجوع وأن يزيد أعباء الدين، وفق ما أعلن رئيس البنك الدولي الثلاثاء.