القائمة البريدية
إشترك بالقائمة البريدية

احصل على اشعارات دائما من بدون رقابة عبر بريدك الالكتروني

مع توقف القتال في غزة.. التوجس يسود الداخل بين الفلسطينيين واليهود

بعد يومين من بدء حركة حماس وإسرائيل في تبادل الهجمات الصاروخية والغارات الجوية، اتصل الرئيس الإسرائيلي بمحطة تلفزيونية لكي يتوسل إلى يهود إسرائيل وأقليتها العربية (فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948) ألا ينقلب كل طرف منهما على الآخر بسبب الصراع.

ويتباهى الرئيس ريئوفين ريفلين الذي ينتمي لحزب ليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن والده المتبحر في العلم ترجم القرآن من اللغة العربية إلى العبرية.

قال الرئيس يوم 12 مايو أيار “أرجوكم أوقفوا هذا الجنون. نتعرض لخطر الصواريخ التي تطلق على مواطنينا وشوارعنا ونحن نشغل أنفسنا بحرب أهلية عقيمة فيما بيننا”.

واستمر العنف الطائفي.

وفي نهاية حوادث العنف سقط قتيلان أحدهما “فلسطيني” لفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن أطلق يهود النار عليه والثاني يهودي توفي بعد أن قذفه فلسطينيون بالحجارة.

وبعد يومين من النداء الذي أطلقه ريفلين أشعل محتجون النار في مركز عكا المسرحي في مدينة عكا الساحلية والذي يديره يهود ويعمل على التقريب بين الطائفتين من خلال عروض بالعربية والعبرية.

ودفع هذا التجلي للتوترات القائمة في المجتمع الإسرائيلي منذ ميلاد الدولة اليهودية في 1948 بالبعض إلى التساؤل حتى بعد أن هدأت الاشتباكات بين غزة وإسرائيل، عما إذا كان الارتياب الطائفي قد يسمم العلاقات لسنوات قادمة.

وأثار وزير الخارجية الأمريكي الزائر أنتوني بلينكن هذه المسألة بعد اجتماعه مع نتنياهو في القدس يوم الثلاثاء.

فقد قال “التئام هذه الجروح يتطلب قيادة على كل مستوى. (ينتظرنا) الكثير من العمل الشاق لإعادة الأمل والاحترام وبعض الثقة بين الطائفتين”.

  • مدن مختلطة

في المدن التي يسكنها خليط من اليهود والعرب مثل حيفا وعكا ويافا ربما يمر وقت قبل أن تندثر ذكريات ترديد الإسرائيليين من اليمين المتطرف هتاف “الموت للعرب” وصور شبان عرب وهم يجرجرون البعض من السيارات.

وبالنسبة لأفراد الأقلية العربية التي تمثل 21 في المئة من سكان إسرائيل لم يقع ما حدث من فراغ.

تتوزع الأقلية العربية بين مسلمين ودروز ومسيحيين وأغلب أفرادها يتحدثون اللغتين العربية والعبرية ويشعر كثيرون منهم بروابط قوية تربطهم بالفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

ودفعت تلك الروابط بعض المحتجين لاسيما الشباب، وإن لم يقتصر الأمر عليهم، إلى إعلان إحساسهم بانتمائهم الفلسطيني ورفض المصطلح الإسرائيلي الشائع “عرب إسرائيل”.

قال محمد كناعنة (56 عاما) الذي سافر 130 كيلومترا جنوبا من مدينته في شمال إسرائيل للاحتجاج في القدس الشرقية “نحن فلسطينيون ولسنا إسرائيليين عربا. مصطلح إسرائيليين عرب أوجدته إسرائيل وعملاؤها”.

وازداد شعور الطائفة العربية بالاغتراب في 2018 عندما أقرت حكومة نتنياهو قانون الدولة اليهودية الذي حط من شأن اللغة العربية بعد أن كانت لغة رسمية معلنا أن “إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي وله الحق الحصري في تقرير المصير فيه”.

ويرى وديع أبو نصار المسؤول بكنيسة كاثوليكية في حيفا إن التوترات بلغت ذروتها يوم 12 مايو أيار الذي قال إن مجموعة وصفها الغوغاء كانت تلوح بأعلام إسرائيلية رجمت فيه ابنته (23 عاما) بالحجارة وتحطمت سيارتها في مشاهد صورتها الأسرة من شرفة البيت.

قال أبو نصار لرويترز “أن أعتقد أو أشعر بأنني مواطن لا يوجد من يحميني فهذا شعور في غاية السوء يؤثر علينا جميعا”.

  • تعرض جنود للهجوم

تنحدر الأقلية العربية في إسرائيل من الفلسطينيين الذي عاشوا في ظل الإمبراطورية العثمانية والحكم الاستعماري البريطاني وظلوا في ديارهم عندما قامت إسرائيل عام 1948.

غير أن صلات القرابة التي تربطهم بالفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وعدم خدمة معظمهم في الجيش الإسرائيلي تدفع بعض الإسرائيليين، خاصة ممن ينتمون لليمين المتطرف، إلى النظر إليهم بعين الارتياب.

وخلال شهر رمضان أدت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر فيما يبدو شبانا فلسطينيين يعتدون على يهود متزمتين إلى احتجاجات من جانب إسرائيليين. ثم تعرض جندي إسرائيلي للهجوم في يافا يوم 13 مايو أيار وأصيب بكسر في الجمجمة.

قالت ريكي ليبرمان (74 عاما) التي تعيش في يافا لأنها منطقة مختلطة “العلاقات والصعوبات التي أوجدها هذا العنف في الجانب اليهودي والجانب العربي ستبقى معنا لفترة طويلة”.

وفي الأوقات العادية نادرا ما يشاهد العلم الفلسطيني علنا داخل “المدن الإسرائيلية” وعادة ما تسارع الشرطة في القدس الشرقية إلى إنزاله عند رفعه.

أما في الأسابيع الأخيرة فقد رفعه شبان فلسطينيون محتجون حول المسجد الأقصى كما ارتفع في جنازات في مدن عربية داخل إسرائيل ولوح به من السيارات شبان فلسطينيون في مواكب تمر بمواقع رجال الشرطة في القدس الشرقية.

ولخص منشور على الانترنت فكرة الوحدة بالدعوة إلى إضراب عام يوم 18 مايو أيار في المدن العربية داخل إسرائيل وفي المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، كما دعت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التضامن “من البحر إلى النهر”.

  • رد الشرطة

أغضب القتال بين الطائفتين والإضراب ومشاعر الغضب من وابل الصواريخ المنطلق من قطاع غزة على مدار 11 يوما كثيرين من الإسرائيليين وأثار استياءهم.

وأدان الرئيس الاسرائيلي ريفلين تصرفات الأقلية في إسرائيل.

وقال “تمزيق مشاغبين عرب للعلم الإسرائيلي واستبداله بالعلم الفلسطيني اعتداء وحشي على التعايش المشترك في دولة إسرائيل”.

ويوم الأحد أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها ستنشر آلافا من قوات الأمن سعيا للإمساك “بالمشاغبين المشتبه بهم والمجرمين وكل من شاركوا في الأحداث الأخيرة من أجل تقديمهم للعدالة”.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها اعتقلت 1550 شخصا حتى الآن حوالي 75 في المئة منهم من الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل، غير أن ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة قال إن التركيز ينصب على “منع أعمال الشغب والاضطرابات والرد عليها”.

وقال روزنفيلد “أغلب الحوادث … ارتكبها سكان من عرب إسرائيل هاجموا ضباط الشرطة والمدنيين وأحرقوا سيارات وإلحقوا أضرارا بالممتلكات العامة. وتمت اعتقالات أيضا ردا على حوادث ارتكبها أفراد من الطائفة اليهودية”.

ووصف سامي أبو شحادة النائب الإسرائيلي الذي ينتمي للأقلية الحملة الأمنية بأنها “حملة اعتقال جماعي تستهدف مئات من الفلسطينيين من مواطني إسرائيل”.

وخلص استطلاع للرأي أجرته الجامعة العبرية في القدس إلى ما يدعو للتفاؤل.

فقد وجد أن قرابة 60 في المئة من الإسرائيليين اليهود يعارضون بشدة العنف الموجه للمواطنين العرب كما اتفقت آراء 73 في المئة من العرب على ضرورة أن يعيش الجانبان في وئام.

وقال أحمد نصر (35 عاما) الذي يصف نفسه بأنه عربي فلسطيني إنه يفرق بين العلاقات الشخصية وعلاقة الناس بالدولة.

قال نصر القادم من بلدة باقة الغربية “العلاقات ستتحسن في النهاية بين الناس لا بين الدولة وبيننا نحن الفلسطينيين. بين الناس من أجل العمل والمصالح المشتركة. أما مع الدولة فستظل مشكلة”.

بدون رقابة / رويترز
Related Posts