من طفولته التي عاشرت حال غيرها وطأة أحداث النكبة عام 1948 الى شاب متحمس ثبتت عدم جاهزية كفائته للقتال الى أستاذ مدرسة في دولة قطر ثم جامعٍ للتبرعات والنقود وصولا الى صفوف القيادة، مسيرة تُروى حول تاريخ الرجل الذي دفعت به حلوله السلمية للتسلل داخل مراكز القرار الفلسطيني.
محمود رضا عباس من مواليد مدينة صفد المحتلة في العام 1935 ينتمي الى عائلة متوسطة، فوالده كان تاجرا وأمه ربة منزل، أكمل تعلميه الابتدائي حتى الصف السابع في مدينة صفد.
نزح عباس مع عائلته عقب سقوط مدينة صفد في يد العصابات الاسرائليىة عام 1948 الى الأردن ومنها الى سورية التي أكمل فيها مشواره التعليمي بحصوله على درجة البكالورويس في القانون.
عمل عباس خلال مشوار الدراسة نادلاً وفرّاشا وعامل بناء وذلك حسب ما قاله عن نفسه في عدة لقاءات صحفية.
جامع التبرعات
أسند للرجل مهمات جمع التبرعات المالية لاسناد حركة فتح حديثة الولادة مما ساهم في ترقيته داخل صففوف حركة فتح ثم لاحقا داخل صفوف منظمة التحرير في اواخر الستينات.
عمله في قطر
عمل استاذا في وزارة التربية والتعليم في قطر في اواخر الخمسينات واستطاع أن يطرح نفسه كناشط وسط مجموعة من الفلسطينيين وينادي بالمقاومة وفق منظوره الشخصي ، ما حذا به للتقرب من الرئيس ياسر عرفات الذي كان يخوض معركة التعبئة والتنظيم لانطلاقة حركة فتح وليصبح محمود عباس أحد مؤسسي حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح.
عباس من مقاوم إلى عدو للمقاومة
كان محمود عباس شابا متحمسا، ذهب للانضمام في صفوف المثاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال، لكنه لم ينجح، فسرعان ما تم طرده بعد مرور شهرين، بسبب عدم كفائته في القتال وانعدام جهوزيته للانخراط في العمل المسلح المنظم.
هذه الحادثة شكلّت نقطة تحول في مسار وتفكير ومعتقدات الرجل الذي أصبح رافضاً للمقاومة المسلحة، وعدوا لها، ومؤمنا بمسار المفاوضات والتنسيق الأمني.
كروكوف الفلسطيني عميلا لجهاز الكيبي جي السوفيتي
شهدت حقبة الثمانينات عودة محمود عباس الى سورية مجددا لكن هذه المرة ليس كلاجئ انما كعميل لجهاز الاستخبارات الكي بي جي السوفييتي وهو ما اكدت وثيقة استخبارية نشرت عام 2016 وهي واحدة من وثائق ميتروخين الشهيرة التي تم تهريبها في عام 1991 وصنفت داخل أرشيف شرشل.
وقد وجد اسم محمود عباس كأحد عملاء حهاز الكي بي جي تحت اسم كركوف وهي كملة روسية مشتقة من كلمة مخبر الروسية ، وكان مكلفا بجمع معلومات سرية عن سورية لصالح السوفييت وقد اشارت الوثيقة الى علاقة مقربة جمعته مع الرئيس بوتين الذي كان ضابطا في جهاز الكي بي جي.
التغريد خارج سرب الكفاح المسلح
في السبعينات وحين كانت منظمة التحرير الفلسطينية تخوض جبهات قتال واسعة وكانت لغة الرصاص سائدة كان محمود عباس يفكر بالحل السلمي لحل القضية الفلسطينية في زمن كان مجرد التلميح للسلام محض خيانة في أدبيات العمل الفلسطيني المسلح.
عباس ما بين حلمه وخصن زيتون عرفات
وفر خطاب الرئيس عرفات في مجلس الأمن عام 1974 الذي رفع بيده غصن الزيتون وبالاخرى بندقيته داعيا أن لا تسقطوا الغصن من يدي ، فرصة لتجديد أحلام محمود عباس في تمرير أفكاره السلمية لحل القضية الفلسطينية
تلا ذلك توقيع الرئيس المصري محمد أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد وزيارته للكنيست الاسرائيلي.
لقاءات سرية متواصلة
بدأ عباس حملة الترويج لافكاره السلمية من خلال لقاءات سرية وابرام اتفاقيات سرية مع جمعات يهودية ويسارية تؤمن بالسلام وسعى الرجل الى زرع هذه الفكرة في مراكز القرار الفلسطيني والتي ساهمت الظروف المحيطة لاحقا في انضاج الفكرة.
طموح السلام
وجد محمود عباس ضالته اخيرا في مطلع التسعينات حين أرغمت الظروف المحيطة بمنظمة التحرير الفلسطينية للجلوس مباشرة وجها لوجه مع الاحتلال الاسرائيلي والشروع بجولات من المفاوضات توجت باتفاقية اوسلو ،
حينها أدرك محمود عباس أن ايمانه في السلام مع الاسرائليين قد تحقق وعاد صحبة اخرين من قيادة المنظمة الى فلسطين
الا أن شيئا مما روج له محمود عباس واصدقائه الاسرائيليين حول السلام لم يتحقق بل ضخت اسرائيل واقعا معاكسا عبر جرائمها وسياساتها ما دفع الى تفجير الانتفاضة الثانية عام 2000 الا أن محمود عباس بقي متمسكا بالسلام.