فلسطين – بدون رقابة
في عام 2007 ، شغل ” ايهود باراك ” منصب وزير الدفاع في دولة الاحتلال الاسرائيلي واستمر به حتى عام 2013 ، وهي المرحلة الحرجة التي شهدت فيها حدثين كبيريَن ، الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة 2008-2009 ، واعلان محمود عباس عن عدم ترشحه للانتخابات الرئاسية ، ثم الغائه للانتخابات وبقائه في رئاسة السلطة بصورة غير شرعية حتى اليوم ، وعبر سياسة فرض أمر واقع.
السلطة تتبع نهج ايهود باراك
في تلك الفترة ايضا، ارتفعت وتيرة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، وكان الوسط الاسرائيلي السياسي منشغل في النقاش حول كيان فلسطيني سياسي واحتمالية السماح بقيام دولة فلسطينية ومستقبل يهودية الدولة وتثبيتها بزعامة اليمين الاسرائيلي. وطرح ” ايهود باارك ” ، على اثر ذلك ، نظرية ” قيام كيان فلسطيني طارد للسكان “، وبشكل يسهّل الطريق أمام اسرائيل في سياسة ضم الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ، وتهجير السكان الأصليين ، ودون تحمل مسؤولية قانونية أمام المجتمع الدولي.
رؤوساء السلطة الفلسطينية
يقفز سؤالا ، هل تخدم طريقة ادارة السلطة الفلسطينية نظرية ” ايهود باراك ” في طرد السكان الفلسطينيين ؟
خلال الخمسة عشر سنة الماضية ، تحولت السلطة الفلسطينية الى نموذج حكم سياسي يستخدم القوة المفرطة ، وأسست السلطة أنظمة رقابة داخلية تقبض على الحريات العامة وتخنقها ، ومارست بحسب التقارير الأممية حملات اعتقال وتعذيب وتصفية ممنهجة بحق الناشطين الفلسطينيين، وخلقت بيئة اجتماعية محلية ، تكثر فيها عناوين الجريمة والعنف وحيازة المخدرات ، وتكرست قناعة غياب الأمن والأمان لدى المواطنين. يرافقها تدهور ملحوظ في الجانب الاقتصادي ومستويات المعيشة ، ما دفع باعداد كبيرة من المواطنين تدريجيا بالتفكير بالهجرة خارج أرض فلسطين.
جرائم القتل في فلسطين
بحسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، بلغ عدد جرائم القتل على أساس العمر والجنس 48 حالة قتل خلال عام 2020.
كما بلغ عدد حالات حيازة المخدرات في عام 2018 حوالي 2132 بنسبة زيادة بلغت 31% عن عام 2017 ، بينما تشير بيانات المركز الفلسطيني للاحصاء، أن الارقام تضاعفت بمقدار الضعف وأكثر خلال عام 2020.
وبلغت حالات جرائم الاحتيال والتزوير لعام 2020 ما مجموعه 1029 حالة تزوير واحتيال.
كما بلغت عدد قطع الأسلحة المتشرة في فلسطين حوالي 26 الف قطعة سلاح ، غالبيتها في حوزة الأجهزة الأمنية ،
وقد أشارت منظمة small arms survey الى أن في فسلطين هناك 1.2 يحملون قطعة سلاح لكل 100 مواطن ، وتشير التقارير المحلية أن الاسلحة استخدمت في غالبيتها بين أبناء الشعب الفلسطيني ، وفي مسيرات الفصائل ، وفي الافراح ، وفي تصفية المعارضين للسلطة في الضفة وقطاع غزة.
اقتصاد فلسطين
لم يكن الحال أفضل ، على مستوى الناحية الاقتصادية ومستويات المعيشة ، وفرص العمل ونسب البطالة في فلسطين ، خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية ، وبحسب التقارير المالية للمجلس الاقتصادي للتنمية والاعمار ” بيكدار “، فقد بلغ حجم الدين العام الاجمالي حتى الربع الاول من عام 2021 حوالي 3.7 مليار دولار ، مسجلا بذلك رقما قياسيا في مستويات الزيادة السنوية بلغت 26.5%. مقابل 2.926 مليار للفترة نفسها من العام 2020.
كما بلغ عدد العاطلين عن العمل 304 الاف عاطل عن العمل 20% من الذكور و 37% من الاناث خلال العام 2020، كما تشير الأرقام أن 7 من كل 10 يعملون دون أجر ، وأكثر من 46% يعملون في القطاع الخاص لا يملكون عقد عمل يضمن لهم حقوقهم المادية، وبلغ عدد العاملين في اسرائيل خلال عام 2020 حوالي 142 الف عامل ، في اشارة واضحة لتقلص حجم فرص العمل في السوق الفلسطيني.
فشل السلطة
تعيش السلطة الفلسطينية مستوى اخر من الفشل الذريع في المستوى السياسي، فقد جرى في عهد قيادة السلطة الفلسطينية الحالية أكبر انقسام فلسطيني بين الضفة وقطاع غزة عام 2007 ، تضمن ذلك ازدواجية في القرار السياسي واقتتال دموي.
كما عطلت القيادة الفلسطينية اجراء انتخابات فلسطينية في أكثر من مناسبة ، ومنعت من التحول الديموقراطي وحق الشعب الفلسطيني في اختيار طريقه ، ورسم مستقبله السياسي.
ويرى مراقبون أن المشروع الفلسطيني الوطني شهد في عهد ادارة ” محمود عباس ” تفكيكا ممنهجا ، من خلال عدائه للمقاومة ومشاركته في حصار غزة ، و”تقديس” التنسيق الأمني ، والتخلي عن النضال الشعبي الفلسطيني، وتحويل السلطة الفلسطينية الى الة قمع واستبداد مسلطة على رقاب الفلسطينيين.
يضاف الى ذلك ، فشل كبير في قيادة الدبوماسية الخارجية ، كشفتها تدهور العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية خلال السنوات الأربع الماضية وانقطاع المساعدات الامريكية ، واهتزاز العلاقة مع الدول العربية الشقيقة في مقدمتها دول الخليج ، كما كشفتها جائحة كورونا ، وفضيحة انهيار البنية التحتية الصحية ، وعدم القدرة على توفير اللقاحات ،واعطاء اللقاحات للمجموعات المقربة من السلطة الفلسطينية وعائلاتهم .
الصورة كاملة ممتلئة بكل أشكال الفشل والهزل والضياع لمشهد يذهب باتجاه تقديم حقائق تثبت فيها نظرية ” ايهود باراك ” ، “أن السلطة الفلسطينية ليست سوى كيان فلسطيني طارد للسكان ، ويعد بمثابة أنجح مشروع اسرائيلي خلال خمسة عشر عاما عجافا”.