مقدمة: في سلسلة من الخطب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن حقوق الفلسطينيين في تحقيق السلام في الشرق الأوسط. يأتي خطاب عباس تزامنا مع المحادثات المستمرة بين “اسرائيل” والمملكة العربية السعودية بشأن اتفاق تطبيع، الى جانب مفاوضات معقدة تشمل مسائل إقليمية متنوعة.
حقوق الفلسطينيين والسلام في الشرق الأوسط: في خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد عباس أن السلام الدائم في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه حتى يتم منح الفلسطينيين حقوقهم الكاملة. على حد تعبيره. واستهزأ عباس بفكرة تحقيق السلام من دون هذه حقوق الفلسطينيين، ووصف ذلك بانها “وهمية”.
في الوقت نفسه، تجري مناقشات بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية حول التطبيع، والتي يمكن أن تعيد تشكيل المنطقة بشكل كبير. تشمل هذه المحادثات أيضًا ضمانات أمنية من الولايات المتحدة ومساعدة نووية مدنية يطلبها الرياض، بالإضافة إلى تنازلات إسرائيلية محتملة للفلسطينيين.
كان عباس قد اوفد نجله مع الوفد الفلسطيني الى السعودية، بناء على طلب الرياض، بهدف اشراكهم في المحادثات الغير مباشرة مع اسرائيل. قدم الفلسطينيين جملة من المطالب الى السعودية بهدف تحقيقها ضمن المحادثات المشتركة.
وقبل يوم من خطاب عباس، قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في تصريحات صحفية، إن “كل يوم نقترب أكثر” من اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن القضية الفلسطينية لا تزال جزءًا “مهمًا للغاية” من العملية.
الحكم والسلام في الشرق الأوسط: أعاد عباس مطالبته الاعتراف بالحكم الذاتي الفلسطيني استنادًا إلى الحدود قبل عام 1967 كشرط أساسي للسلام في الشرق الأوسط.
وقال ان اتفاقات التطبيع بين اسرائيل والدول العربية والاسلامية مرهون بمنح الفلسطينيين حقوقهم. لكنه لم يشر بصورة مباشرة الى الاتفاق الإسرائيلي-السعودي في خطابه.
وقال انه من الضروري اللجوء إلى إجراءات قانونية ضد إسرائيل، بما في ذلك المشاركة في المحاكم الدولية. لكنه لم يشير اذا ما كانت السلطة الفلسطينية ستلجأ الى ذلك ام لا.
طالب عباس أيضًا الأمم المتحدة بالاعتراف بفلسطين كدولة عضو، وهو إجراء من المتوقع أن يواجه معارضة، خاصة من الولايات المتحدة.
الحُكم والجهود الدولية: في خطابه الثالث في الأمم المتحدة، أكد الرئيس عباس مرة أخرى على أهمية وجود دولة فلسطينية لتحقيق السلام، حيث بدت المحادثات بين إسرائيل والسعودية في تقدم.
انتقد سياسات الحكومة الإسرائيلية، متهمًا إياها بالفصل العنصري وانتهاكات أخرى. كرر عباس دعوته إلى عقد مؤتمر دولي لفرض حلاً بدولتين وإنهاء حكم إسرائيل العسكري في الضفة الغربية.
طالب أيضًا بتعويضات من إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن أدوارهم التاريخية.
وضع حرج: خطاب عباس في الأمم المتحدة، سبقه انتقادات واسعة من العديد من البلدان والدبلوماسيين بسبب خطاب ألقاه في أغسطس، عاد إلى قضايا تاريخية تتعلق باليهود وأصولهم والمحرقة النازية، بما في ذلك اتهام الزعيم النازي أدولف هتلر بقتل اليهود بسبب “دورهم الاجتماعي” وليس بسبب دينهم أو بسبب العداء لليهودية.
انتقد عباس الحكومة الإسرائيلية بشأن عدم إجراء الفلسطينيين انتخابات منذ عام 2006. وقال انه يريد اجراء انتخابات فلسطينية، لكن إسرائيل تعيق إجراءها، بما في ذلك منع التصويت في القدس الشرقية، حيث لا تسمح بوجود أي علامات على الوجود الفلسطيني في القدس، مما يعيق إجراء الانتخابات. على حد تعبيره
وقال أنه سيستخدم الهيئات الدولية للضغط على إسرائيل للسماح بإجراء الانتخابات الفلسطينية. وتأتي هذه التصريحات في سياق مطالب دولية، بتحسين الحياة الديمقراطية ومكافحة الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية التي تتلقى تمويلًا من الدول المانحة.
تجدر الإشارة إلى أن محمود عباس أشار في خطابه إلى جهوده في تحسين وإصلاح المؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية. قام عباس بإجراء سلسلة من الإقالات الجماعية لرؤساء المحافظات قبل نحو شهرين، مستعرضًا بذلك للعالم بأنه يسعى جادًا لمكافحة الفساد وتحسين أداء المؤسسات الفلسطينية.
ومع ذلك، فإن جهود عباس لم تلقَ بالفعل الاهتمام الكافي، إذ يتركز اهتمام الدول المانحة التي تمول السلطة الفلسطينية، بشكل أساسي على ضرورة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الأراضي الفلسطينية.
مهم: خطاب عباس لم يكن افضل من باقي خطبه الضعيفة السابقة، باستخدامه لغة الاستجداء لتسليط الضوء على الرابط بين حقوق الفلسطينيين وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
مع استمرار المحادثات الإقليمية. تعكس نداءات عباس المتكررة للتدخل الدولي و تأكيد على المقاومة “السلمية” التي تلقى معارضة فلسطينية داخلية، والتحديات والتعقيدات المستمرة في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.