التعاون الأمني .. كابوس يطارد حياة الفلسطينيين!
في الحالة الطبيعية يشار الى التعاون الأمني بأنه مجموعة من التفاهمات التي تتفق عليها دولتين أو أكثر، تجمعهما مصالح مشتركة لحفظ الأمن العام والقانون في كل دولة دون أن يوفر ذلك أي اختراقات تمس سيادة الدول ومصالحها العليا.
لكن في الحالة الفلسطينية، يظهر ملف التعاون الأمني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بصورة مختلفة
فلا دولة فلسطينية قائمة بالفعل تدافع عن مصالحها، ولم تجن السلطة الفلسطينية وشعبها أي شيئ سوى المزيد من ترسيخ الواقع والانقسام، ومع الوقت تجولت السلطة الى موظف أمني يحمي أمن الطرف الاخر ويخدم مصالحه.
اليكم لمحة سريعة، كيف بدأ التنسيق الأمني؟ مراحله؟ ما هي أبرز بنوده ومخرجاته؟ وما هو واقع التنسيق الأمني اليوم؟
– خطا التنسيق الأمني أولى خطواته عقب اتفاق القاهرة عام 1994 واتفاق طابا عام 1995، كنتاج لما أقرته اتفاقية أوسلو عام 1993 في بندها الثامن ( النظام العام والأمن )
– هدفَ هذا التنسيق الى انسحاب اسرائيلي مباشر من مدن وبلدات ومخيمات فلسطينية احتلتها عام 1967 ونقل الصلاحيات الأدارية والأمنية الى السلطة الفلسطينية، وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. مقابل تعهد السلطة الفلسطينية في مكافحة “الأرهاب” في أراضيها.
– ربطت اسرائيل التزاماتها بالمفاوضات السياسية بمقدار التزام السلطة الفلسطينية بتعاونها الأمني، واستمرت السلطة الفلسطينية بالتعاون الأمني منذ عام 1994 حتى عام 2000، وبلغت ذروة هذا التنسيق في عام 1996.
فشلت اتفاقية كامب ديفيد الثانية عام 2000، وادركت القايدة الفلسطينية في حينها، فشل اتفاق اوسلو ومخرجاته، وقررت على اثرها تغيير نمط العلاقة مع اسرائيل لاحراز موقف متقدم في المفاوضات أدى ذلك الى اندلاع انتفاضة ثانية عام 2000 حتى 2004.
ومع انتهاء الانتفاضة الثانية جلبت قيادة فلسطينية، تأخذ على عاتقها الاستمرار في التنسيق الأمني ووقف كافة أشكال ما تسميه اليوم “باعمال العنف”
عاد التنسيق الأمني بقوة وبصورة مختلفة بعد مشروع كيث دايتون الذي رمى الى كي الوعي وصناعة الفلسطيني الجديد، خلق أجيال أمنية فلسطينية تحافظ وتدافع عن أمن اسرائيل.
تكمن المشكلة هنا، في تصريح الرئيس الفلسطيني الذي يؤكد فيه اعادة انتاج العقيدة الامنية ودورها اليوم. لتصبح واجباتها:
– تقديم معلومات حساسة الى الجانب الاسرائيلي
– قمع المظاهرات المؤيدة لقطاع والرافضة للحروب كافة
– مساعدة الجانب الاسرائيلي في ملاحقة النشطاء، منهم معتقلي سجن جلبوع
– حماية المستوطنيين في الضفة الغربية
ومن ابرز الامثلة التي قامت بها قوى الامن الفلسطيني الحديثة:
– ملاحقة المعارضين
– مصادرة حرية الرأي والتعبير واعتقال النشطاء والصحفيين.
– اعتقال 380 من النشطاء على خلفية حرية التعبير عام 2022.
– اغتيال الناشط نزار بنات حزيران 2021
اكثر من 30 عاما مرت على التعاون الامني، لم تُكسب السلطة الفلسطينية شيئا، ولم تقم الدولة، ولم تحقق مصالحها، ليس هذا فحسب بل جمد الطرف الاسرائيلي المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين.
زعمت السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني، في مناسبات عدة، اخرها كان عقب اقتحام مخيم جنين 2023،
لكن وسائل اعلام عبرية فضحت تلك المزاعم، ونشرت تقرير تؤكد استمرار التعاون، وقالت ان اعلان عباس وقف التعاون الامني مجرد محاولة اعلامية وليست عملية .
– نجح التعاون الامني في تثبيث حكم فلسطيني دكتاتوري قمعي، لكنه لم يجلب “دولة” يحلم بها الفلسطينيون