يقول مئير ايندور، وهو مقدم احتياط في جيش الاحتلال الاسرائيلي، في مقال نشرته صحيفة معاريف العبرية، انه “اذا لم نعمل الان بقوة لوقف العنف فاننا سندفع الثمن غاليا في انتفاضة ثالثة كما حصل في الانتفاضتين السابقتين”.
هل نحن قبل انتفاضة ثالثة؟ الانتفاضة الاولى في العام 1987 بدأت بالضبط مثلما يتطور الواقع الان في الضفة وفي المدن المختلطة – بالمظاهرات وبالاضرابات. في حينه بدأ هذا بموجة اضرابات تجارية في بيت ساحور وفي رام الله. عندما اعتقد المجتمع اليهودي بان هذا صراع على الحقوق، كانوا هم انطلقوا الى الطريق بالحجارة وبالسكاكين، بانتفاضة مع نحو 160 قتيلا، ومع قرار في بدء مفاوضات ادت الى اتفاقات اوسلو الرهيبة ولاكثر من 2000 قتيل والى الانتفاضة الثانية.
الانتفاضة الثالثة
المؤشرات ذاتها تظهر هذه المرة – مظاهرات واضرابات – وبخلاف الماضي فان اجزاء متسعة في الوسط العربي الاسرائيلي تلاحظ الهشاشة في الشعب اليهودي، ولا سيما النخب، وتنضم الى الكفاح الفلسطيني. بعض من مندوبي الوسط العربي في الكنيست وفي الحكومة يتعاطون علنا مع فتح ومع حماس في غزة، ممن يقودون صراعا مشتركا. والمسافة عن بدء انطلاقة ثالثة آخذة في القصر – هكذا برأي خبراء عسكريين وأمنيين ايضا. من لا يرد الان بقوة يستدعي لنفسه انتفاضة اخرى. باستثناء أنه عندما سيضطر الى أن يرد بقوة اكبر وبثمن قتلى وجرحى اكثر من الطرفين.
هذا هو الدرس من انتفاضة 2000 ومرة اخرى نكرر ذات الخطأ. لم نرد في حينه في بدايتها واتخذنا سياسة الاحتواء.
“مواجهة بقوى متدنية”، هكذا أسمى هذا الضباط الذين أرسلوا لان يتعلموا في المدارس العسكرية في الخارج وجلبوا من هناك بدائل سياسية بدلا من خطوة عسكرية.
نحن، متضرري الارهاب، نتذكر هذا جيدا. فكم ضغطنا لتغيير السياسة، لم ننجح معهم، حتى بعد أن حل اريك شارون محل اهود باراك في رئاسة الحكومة. هو ايضا انضم الى النظرية السياسية وأعلن بان في زيارة للجرحى بعد احدى العمليات: “ضبط النفس هو قوة ايضا”. لم يتأثر الفلسطينيون بضبطه لنفسه او من كونه عسكري عظيم. سنة ضبط النفس كلفتنا موجة ارهاب رهيبة ومئات القتلى والجرحى حتى حملة السوق الواقي التي استعدنا فيها السيطرة العسكرية على مناطق أ. لو بدأنا من قبل لوفرنا موتى وجرحى. الدرس اياه يجب أن تتعلمه الحكومة الحالية.
للمجتمع المدني اليهودي دور في منعها: بإظهار المناعة الاجتماعية، بمعرفة العدو، بكفاح لا هوادة فيه لإعطاء اسناد لقوات الامن للعمل باستنفاد القوة، بالضبط مثلما تحدث وطالب في الجنازة ابن نوعم راز. الكفاح المدني في هذه الايام يجب ان يحقق حرية عمل لقوات الامن.
حيال الحكومة الحالية، المبنية على جهات تقدمية (بينها تلك التي جلبت اتفاقات اوسلو – ام كل الخطايا) وجهات سياسية من الاحزاب العربية، يجب اقامة “الحائط الحديدي” الذي تحدث عنه جابوتنسكي. لعناية الحكومة الحالية التي في معظمها لا تتماثل مع مذهبه.
ليس كل العرب يريدون الارهاب، لكن يوجد كثيرون يجلسون على الجدار ويفحصون باتجاه الريح. من لا يرد الان، يشجع عمليا تجند مزيد من الشبان لدائرة الارهاب.
على هذه الخلفية، هناك الكثير من السخافة في مطالبة وزير الامن الداخلي عومر بار-ليف لتشكيل لجنة تحقيق في معالجة الشرطة لجناز الصحافية (إذا كانت ممكنة هذه التسمية للدعائية في شبكة التلفزيون التي تبرر الارهاب ضد اليهود). فمخرجو الجنازة ارادوا ونجحوا في أن يجعلوها حدثا ارهابيا وطنيا فلسطينيا، في قلب القدس، بجانب سكة القطار الخفيف الذي يخدم سكان العاصمة وبجانب دار الحكومة والقيادة القطرية لشرطة اسرائيل.
المستشفى الفرنسي المجاور الذي جلب اليه الجثمان احتله شباب فتح وحماس. وعلى سطحه علقت الاعلام الفلسطينية، والتقطت الصور على خلفية اعلام اسرائيل من فوق المباني المجاورة. في المجالات المجاورة اعدت الحجارة للرشق.
كم من الوقاحة يحتاج الوقوف بوجوه علنية بجانب القيادة القطرية ورشق الشرطة بالحجارة. يجب الغاء قرار التحقيق مع الشرطة الذين دافعوا عن أنفسهم. في المرة التالية هم سيخافون العمل والنتيجة ستكون زجاجات حارقة وإطلاق نار.
ويوجد سبب آخر: ليس كل العرب يريدون الارهاب. الحدث العنيف كان موضع استياء لمعظم رجال طاقم المستشفى الفرنسي رغم انهم عرب. فهم لا يريدون أن يروى انخفاض عدد الممرضات اليهوديات في المستشفى. في المستشفى الفرنسي يوجد قسم ولادة مهني تصله النساء من الاحياء الحريدية المجاورة او ممن يردن الولادة في الماء والولادة الطبيعية.
محظور تعطيل القدرة على فرض النظام في المستقبل وترك المستشفى سائبا للسلطة الفلسطينية وترك العرب للارهاب.
ــــــــــــــــــــــــــــ