أدى الهجوم والهجوم المضادّ على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل إلى إحياء الجدل في سويسرا حول الموقف من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وما إذا كان يجب تصنيفها منظمة إرهابية.
ويستمر القتال في عدة مواقع بالقرب من غزة بعد يوميْن من هجوم مباغت شنّه مقاتلو حركة حماس على المستعمرات الإسرائيلية. وأدّى القتال حتى الآن إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف على الجانبين، واحتجاز عشرات الرهائن. ويعدّ هذا الهجوم على إسرائيل الأعنف من نوعه منذ الهجوم المصري والسوري في حرب أكتوبر 1973، قبل خمسين عامًا بالضبط. وردّا على ذلك قصفت طائرات ومروحيات ومدفعية إسرائيلية أكثر من 500 هدفا في قطاع غزة حسب ما ذكرت رويترز يوم الإثنيْن.
في غضون ذلك،أمر وزير الدفاع الإسرئيلي يوآف غالانت بفرض “حصار كامل” على غزّة، قائلا إن إسرائيل ستقطع الكهرباء، وتمنع دخول المواد الغذائية والوقود، (وهي أفعال يجرّمها القانون الدولي). في نفس الوقت طالبت الأمم المتحدة بالسماح لها بإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع المحاصر.
وعقد أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الخمسة عشر يوم الأحد اجتماعا طارئا طالبت خلاله الولايات المتحدة جميع الأعضاء بـ”إدانة “الهجمات التي شنتها حماس”، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء فوري.
وخلال اجتماع مجلس الأمن، أدانت سويسرا التي تشغل مقعدا غير دائم الهجوم الذي شنه المقاتلون الفلسطينيون بما في ذلك “الأعمال الإرهابية” وإطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، بحسب بيان يوم الاحد. ودعت إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة، ووقف تصعيد العنف. وأعربت في الوقت نفسه عن أسفها لجميع الضحايا المدنيين ودعت إلى احترام القانون الإنساني الدولي.
لماذا لا تعتبر سويسرا حماس فصيلا إرهابيا؟ على عكس الاتحاد الاوروبي أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، لم تعلن سويسرا المحايدة حماس منظمةً إرهابية. وليس لدى الكنفدرالية قائمة بالمنظمات الإرهابية خاصة بها. وهي تجادل بأنها تطبّق فقط عقوبات من مجلس الأمن الدولي، الذي لم يصنّف حماس على أنها جماعة إرهابية.
وتتواصل سويسرا، من أجل تحقيق أهدافها في مجال تعزيز السلام في منطقة الشرق الأوسط، مع جميع الأطراف المعنية بتعزيز الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكذلك بين الفصائل الفلسطينية مثل فتح وحماس. ومن شأن تصنيف أحد هذه الفصائل كمنظمة إرهابيةأن يحول دون أي اتّصال مباشر معها.
وتحافظ السلطات السويسرية رسميا على اتصال مع حماس، كما أن “سياسة الاتصال والمساعي الحميدة الشاملة هذه تحظى بتقدير اللاعبين الدوليين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خاصة أثناء الأزمات. وبموجب استراتيجية المساعي الحميدة أيضا، تمثّل سويسرا حاليا المصالح الدبلوماسية لإيران في مصر وفي كندا، ومصالح الولايات المتحدة في إيران، ومصالح إيران في المملكة العربية السعودية (والعكس أيضا صحيح)، وكذلك مصالح روسيا في جورجيا (والعكس صحيح).
ماذا عن البرلمانيين السويسريين وحماس؟ فشلت المحاولات السابقة لعدد من البرلمانيين السويسريين الداعين إلى تصنيف حماس كجماعة إرهابية. وكان آخرها مبادرة لوكاس ريمان من حزب الشعب (يمين متشدد)، والتي رفضتها الحكومة والأغلبية في يونيو 2022.
ويوم الإثنيْن، غرّد حزب الشعب على منصة إكس (X)، تويتر سابقًا، بأن حظر حماس وجميع المساعدات للمنظمات الفلسطينية التي لها صلات بحماس خطوة ضرورية. كما أصدر الحزب الراديكالي الليبرالي (يمين وسط) بيانا يطالب فيه الحكومة بتصنيف حماس منظمة إرهابية.
وجاء في بيان الحزب الليبرالي الراديكالي: “حتى الآن، كان من المقبول التحدّث إلى جميع الأطراف في المنطقة. هذه الهجمات لم تعد تسمح بذلك”. وأعلن الحزب أن الحوار مع الأشخاص الذين يخططون ويدعمون مثل هذه الأعمال غير ممكن، ودعا إلى مراجعة المساعدات الإنمائية السويسرية لفلسطين بهدف تعليق الدعم المحتمل للمنظمات المرتبطة بحماس.
وتساهم سويسرا بحوالي 20 مليون فرنك سويسري سنويًا في الميزانية العادية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وحوالي اثنتي عشرة منظمة غير حكومية نشطة في المنطقة.
تباين وجهات نظر منظمات المجتمع المدني: طالبت المنظمات اليهودية في سويسرا بإعلان حماس منظمة إرهابية. حيث كتبت الجمعية السويسرية الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، بعد اندلاع العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين يوم السبت: “اليوم والأيام المقبلة يجب أن تكون فرصة للمسؤولين عن السياسة السويسرية في الشرق الأوسط لإعادة النظر في مواقفهم الحالية. ويشمل هذا موقفَهم الرافض إعلان حماس منظمة إرهابية، وهو ما قام به بالفعل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى منذ فترة طويلة”.
وبحسب الإتحاد السويسري للجاليات اليهودية فإنه”دون حظر واضح، ستستمر حماس في الحصول على الشرعية كممثل سياسي عادي. والأهم من ذلك أن حماس يمكنها التحرّك بحريّة في سويسرا، وجمع التبرعات والتعامل مع مواردها المالية”.
في المقابل، حذّر جيري مولّر، رئيس الجمعية السويسرية الفلسطينية من حظر حماس أو تصنيفها منظمة إرهابية. خطوة قال إنها ستحرم سويسرا من متابعة “عملها التفاوضي الجيّد”. وأضاف النائب البرلماني السابق عن حزب الخضر في حديثه إلى صحيفة “تاغس أنتسايغر: “العنف غير مقبول أبدا، كذلك بالنسبة لإسرائيل”، مذكّرا أنه خلال الأشهر الستة الماضية، هاجم المستوطنون اليهود 70 قرية فلسطينية.
وأضاف مولّر أن أزيد من مليونيْ شخص حَبيسون في قطاع غزّة، لذلك ليس من المستغرب حدوث ردود فعل شديدة. ووفق النائب السابق، فإنه “إذا أرادت سويسرا إعلان حماس منظمة إرهابية، فعليها أيضا تسمية إرهاب الدولة الإسرائيلي باسمه”.