التحرك المتأخر
في عام 2000 نفذ ارئيل شارون زيارته الاستفزازية التاريخية لباحات المسجد الأقصى، اندلعت على اثرها الانتفاضة الفلسطينية الثانية، واليوم بعد مرور نحو 22 عاما، يعيد ايتمار بن غفير الموقف نفسه ويكرر التاريخ، باقتحامه لللمسجد الأقصى مع بداية العام الحالي 2023،
لاقت الزيارة ادانات واسعة من قبل مجلس الأمن، وتحركت دول عدة من بينها عربية لوقف التصعيد الاسرائيلي، ما دفع السلطة الفلسطينية صاحبة الشأن تجد نفسها مضطرة للتحرك متاخرة هي أيضا؟
فهل تنجح السلطة الفلسطينية في وقف الاعتداءات الاسرائيلية؟؟ أم أن يدها خالية من الأوراق وتحاول حفظ ماء وجهها أمام العالم وشعبها؟؟؟
المحور الأول :
الاعتداء ، التوقيت ، والسياق، والنتائج
في صباح يوم ال 3 من اشهر الحالي، نفذ ايتمار بن غفير وعده باقتحام المسجد الأقصى وسط حراسة أمنية شديدة وبتنسيق بين جهاز الأمن العام وجهاز الشاباك، وبعلم مسبق من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتينياهو،
ليست المرة الأولة التي يقدم بها بن غفير على اقتحام المسجد الأقصى، لقد اعتاد ذلك وهو عضو في الكنيسيت كان اخرها اثناء عيد العرش اليهودي في ال 12 من اكتوبر العام الماضي.
تأتي هذه الزيارة في التزامن من خطوات تصعيدية اتخذتها الحكومة الاسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية واستصدار لائحة عقوبات بحق القيادة الفلسطينية، وتمسك الاسرائيليين بتجاهل الفلسطينيين وحقهم في اقامة دولتهم.
هدف الزيارة:
اعلن بن غافير هدفين أساسيين وهما :
تحدي فصائل المعارضة الفلسطينية وعدم الخوف من تهديداتها في حال نفذ اقتحامه،
واعتبار المسجد الأقصى أو ما سمى ” جبل الهكيل ” من أقدس الأماكن لشعب اسرائيل على حد قوله.
المحور الثاني:
تحرك عربي ودولي وصمت اللسطة الفلسطينية
فور الاعلان عن حادثة الاقتحام، دعت دولة الأمارات العربية المتحدة بصفتها العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن مجلس الأمن بعقد جلسة عامة ومفتوحة واصدار بيان رسمي حول الاعتداءات الاسرائيلية، بطلب مشترك فلسطيني أردني
استجاب مجلس الأمن للطلب الأماراتي وتقرر عقد جلسة طارئة مساء يوم الخميس ال 5 من الشهر الحالي حملت عنوان
” الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية “
أعلنت دول عربية وعالمية ادانتها لحادثة الاقتحام من بينها البحرين وقطر والمغرب والامارات والسعودية وقطر والأرن ومصر
تصريح السفيرة الأماراتية لانا نسيبة، اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى المبارك، وقالت إنه “يؤدي إلى زعزعة الوضع الهش، ويبعد المنطقة عن طريق السلام الذي نسعى إليه جميعا، ويؤدي إلى تعميق الاتجاهات السلبية للصراع، كما يؤدي لمواجهة نسعى لتجنبها في الوقت الحالي، وتغذي الكراهية”،
الصين بدورها سددت سهام انتقادها للاسرائليين على اثر الحادثة :
ما نشهده الآن ليس السبيل الأمثل لبدء العام الجديد، وأقول للمسؤولين الإسرائيليين الحكوميين الذين دخلوا باحات المسجد الأقصى المبارك، نحن يعترينا القلق من أي تصرفات أو أي أفعال أحادية الجانب تؤدي لتصاعد التوترات، ما ينذر باشتباكات ومواجهات تمس بالوضع الديني للمقدسات
وزارة الخارجية الأمريكية وعلى لسان انتون بلنكن عبرت عن تمسك امريكا بالوضع التاريخي الراهن الحرم القدسي الشريف
واعربت موسكو عن حفيظتها تجاه هذه الخطوة، قائلة أن هذه الأحداث ليست بمعزل عن الأحداث التي وقعت عام 2000 ، بالاشارة الى امكانية اندلاع انتفاضة ثالثة.
المحور الثالث:
السلطة الفلسطينية تحرك متأخر
بعد ايام قليلة على جلسة مجلس الأمن الطارئة، قررت القيادة الفلسطيني عقد اجتماع يوم الخميس القادم لمناقشة اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى، وفق تصريحات حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وسائل الاعلام الفلسطينية، اعلنت ايضا عن نية الرئيس الفلسطيني أبو مازن اثارة قضية بن غفير اثناء زيارته القادمة الى الأمم المتحدة.
تحرك السلطة الفلسطينية جاء متأخرا، في وقت يجمع فيه المراقبون على فقدان السلطة الفلسطينية أي اوارق ضغط سياسية، وأن تحرك أبو مازن جاء كرد فعل على تحرك الدول العربية.
ويبقى السؤال القائم، هل سيحقق التحرك الفلسطيني مبتغاه، والى أي مدى ستذهب السلطة الفلسطيينة في مقاضاة اسرائيل دوليا
لا سيما بعد وعود عديدة لم تنفذ، ابرزها تقرير جولدستون الذي طلب أبو مازن من مجلس الأمن سحبه في عام 2012، وتناززل عن حق الشعب الفلسطيني في محاسبة اسرائيل.