مسار التشريعي بين مطرقة الاتحاد الاوروبي.. وسندان التوافق الامريكي الاسرائيلي

على وقع خطى خجولة تمشي الفصائل الفلسطينية في طريقها نحو انتخابات المجلس التشريعي في 21 مايو المقبل بعد انقطاع دام خمسة عشر عاما تبدى فيها فراغا سياسيا واستئثارا بالحكم أحكمت القبضة عليها السلطة الفلسطينية بزعامة محمود عباس ،وحتى اللحظة هذه يبدو خيار اجراء الانتخابات من عدمها معلقا استنادا لظروف محلية واقليمية ودولية يستقطب المشهد الانتخابي الفلطسيني نفسه فيها على أساس من المد الخفيف والجزر الكثيف.

” الانتخابات كخيار ضرورة ”

تأتي الانتخابات التشريعية الفلسطينية كأحد مخرجات مؤتمر الامناء العامين للفصائل في سبتبمر العام 2020 , وحوار القاهرة الذي يرعى الحوار الثنائي بين حركتي فتح وحماس , وحدد مسار الانتخابات، وفيما يبدو أن كلا الحركتين لجئتا الى خيار الصندوق بعد تعذر ملف المصالحة وانهاء الانقسام الفلسطيني وانسداد مسار الوحدة الوطنية والشراكة ، الا أن هذا اللجوء المضطر للاقتراع يساوره مخاوف واضحة لكلا الجانبين.
اذ تخشى السلطة الفلسطينية من تكرار تجربة عام 2005 ، وتعزيز حماس وجودها في الضفة الغربية، سيما بعد تدني مستويات التأييد والجماهيرية للسلطة الفلسطينية، والتشظي الذي يهيمن على حركة فتح انتخابيا، وهو ما انعكس ضمنيا للسلطة الفلسطينية بمنع الاحتلال من اجراء الانتخابات في القدس،

كما تخشى حماس من التفريط بمنجزها في قطاع غزة سيما في ظل شعار لا دولة في غزة ولا دولة بدونها واضطرارها للتنازل عن سلاحها وسيطرتها في القطاع مقابل التمثيل السياسي .

في ظل هذه المشهدية المعقدة والمحاطة بنوازع القلق تأتي الانتخابات الفلسطينية كخيار ضرورة لا مناص منه ولا بديل.

” بايدن يؤيد ظاهريا ودول اقليمية لا ترغب الانتخابات “

تمثل الادارة الامريكية الجديدة عاملا حاسما في الانتخابات الفلسطينية وعلى الرغم من أن السياسة الجديدة للادارة الامريكية المنتخبة انضوت على مسار ايجابي باتجاه الفلسطينين سواء بارجاء مؤقت لصفقة القرن واستئناف المساعدات والتأكيد على حل الدولتين على اساس قرارات الشرعية الدولية وعلى الرغم ايضا أن الرئيس الامريكي جو بايدن أيد ظاهريا اجراء الانتخابات الفلسطينية الا أن شعورا امريكيا خفيا يتلاقى مع رغبة اليمين الاسرائيلي بتعطيل الانتخابات الفلسطينية ،

وازع هذا الشعور فيما يبدو هو في القلق المحتمل من فوز حماس التي ينسجم مزاج مكتبها السياسي الداخلي مع ايران وهو الملف الذي تعطيه السياسة الخارجية الامريكية اولوية فيما يخص الشرق الاوسط كما عبر عن ذلك انتوني بيلنكن وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية.

على صعيد اخر تتقاسم بعض الدول الاقليمية وفي مقدمتها مصر والاردن هواجس الخوف من اجراء الانتخابات لعدم ثقتهم في نجاح حليفهم – السلطة الفلسطينية – وقيادتها وترك الساحة امام القوى الاسلامية، ما يعني انتعاش الاسلام السياسي في جبهاتهم الداخلية وهو ما تؤكده الزيارات المتكررة لمدراء مخابرات مصر والاردن الى محمود عباس واقناعه بضرورة حل الخلافات داخل فتح او تأجيل الانتخابات.

” الاتحاد الاوروبي ، لا دعم لمن لا يملك شرعية “

الطرف الوحيد الذي يدعم باتجاه مسار انتخابي فلسطيني وتحقيقه هو الاتحاد الاوروبي الذي يتصدر قائمة المانحين للسلطة الفلسطينية ،

الاصرار الاوروربي على اجراء الانتخابات الفلسطينية في موعدها ينطلق من اساسيات وقواعد الاتحاد التي تنادي بعدم دعم سلطة غير منتخبة ولا تتمتع بشرعية دستورية.

وهو امر ترى فيه السلطة الفلسطينية التي لا تملك خيار التراجع عن قرار الانتخابات خنجرا ناعما عالقا في الحلق .

المشهد معقد للغاية يتحول فيه الموقف الفلسطيني الى كرة يتقاذفها الجميع والى رأس يئن بين مطرقة هذا وسندان ذاك في ظل غياب  لقيادة فلسطينية موحدة تملك خيارها السياسي وترتهن لمزاج القوى المهيمنة فعليا على المشهد.

Exit mobile version