بدون رقابة - أخبار
خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، 85 عام، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم 11 فبراير، يواجه ردود مختلفة من النشطاء والصحافيين الفلسطينيين. حيث رفض الرئيس عباس في خطابه “الصفقة” التي طرحها دونالد ترامب بحضور رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم 28 يناير. وقد خاطب عباس الشعب الاسرائيلي في كلمته بالقول “أن الاحتلال والاستيطان والسيطرة على شعب آخر ، لن يصنع لكم أمنا و لا سلاما”، مؤكدا الى الأطراف الدولية في الوقت نفسه أنه لن يلجأ الى العنف و”الإرهاب” بكل اشكاله و ألوانه مهما حصل.
لكن لم يجد آلاف الأسرى والجرحى والشهداء أو حتى عوائلهم مكانا لهم في خطاب الرئيس الذي استغرق قرابة 40 دقيقة. و عوضا عن ذلك فقد أحضر عباس معه ضمن عدة أوراق و وثائق في حقيبة مستشاره كبير المفاوضين الفلسطينيين د.صائب عريقات، بوثيقة تحتوي 300 توقيع لضباط اسرائيليين خدموا “إسرائيل”، قال عباس أنهم يعارضون “صفقة القرن”. قد يكون نسي كما يبدو التي لم تعد تسعفه الذاكرة على تذكر الكثير في خطابه، أن هؤلاء الضباط لُطِخت أيديهم بدماء الفلسطينيين خلال سنوات خدمتهم.
و رفع خريطة توضح الدولة المقترحة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية بموجب “صفقة ترامب”. كما قدم شكره للشعب الإسرائيلي، الذي قال إنه “خرج إلى الشوارع” لمعارضة الصفقة، والى السياسيين الأمريكيين الذين انتقدوه أيضا.
شوقي العيسة، وزير فلسطيني سابق، قال على صفحته معقبا على خطاب الرئيس الفلسطيني بالقول أنه “حين يكون وقت الهجوم وتختار الدفاع والتودد لن تحقق شيئا. وحين يخرج عشرات الالاف لدعمك وتقول ما لا يحبون ولا يريدون، لن تحقق شيئا. واخيرا حين لا تقيس قبل ان تغيص، تكون النتائج وخيمة”.
و أضاف العيسة حول العمل الدبلوماسي، أنه عند “الحديث عن الدبلوماسية وطبيعة المكان الذي تم الحديث فيه فهو حديث فارغ جربناه طويلا وها هي النتائج. الوزير العيسة كان وزير الزراعة في حكومة رامي الحمد الله، و قال أنه قدم إستقالته آنذاك، بسبب أعمال غير نطيفة و فساد دفعت به الى الإستقالة من منصبه.
و قد صرحت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان صحفي وزعته يوم 10 فبراير، أنهم سيواجهون القرارات الامريكية-الاسرائيلية بالعمل الدبلوماسي، ستنطلق بالتوجه الى مجلس الأمن لطرح رؤية في تحقيق السلام بين الجانبين (الاسرائيلي و الفلسطيني)، إلا أن الخطاب لم يكن يتضمن أية رؤية أو خطة.
و أكد عباس أن يده ما زالت ممدودة للسلام و ملتزم بالاتفاقيات الموقعة، الى أن اسرائيل غير ملتزمة، و قال “أن اسرائيل لم تلتزم بالقرارات الصادرة عن مجلسكم و هو أعلى منبر، اخبروني لمين أروح”.
هناك من رأى أن خطاب رئيس السلطة عباس مكرر و محفوظ عن ظهر قلب لم يعد يفيد. حيث كتب الباحث السياسي عزيز المصري من قطاع غزة على صفحته على الفيسبوك، أن “ لغة الخطابات المتكررة والتي اصبحت محفوظة عن ظهر قلب لم تعد تفيد ولغة الاستجداء من مجلس الامن واسرائيل لم تعد تفيدنا في شئ.
و طرح المصري مقترحا في منشوره “الى إعادة كل صلاحيات السلطة الي منظمة التحرير الفلسطينية، أو الاتفاق على استراتيجية فلسطينية داخليا وخارجيا لتبني الدولة الواحدة.
و يرى الباحث المصري أن “حل السلطة واعلان الدولة وفق قرار التقسيم، وليس وفق القرار 242 ، واعادة اثارة قضية قبول اسرائيل كعضو في الامم المتحدة، لان قرار قبول عضويتها كان مشروطا بعودة اللاجئين والرجوع الي حدود قرار التقسيم ولم تنفذ اسرائيل هذه الشروط وبالتالي قبولها غير قانوني. مضيفا أن هذا يتطلب سحب الاعتراف بالقرارين 242 و338.
الرئيس الفلسطيني شكك في النصائح التي يتلقاها الرئيس الأمريكي من مستشاريه لصياغة “خطة السلام”. و لكنه سرعان ما أوقع نفسه، حيث عرج في خطابه عن دولة فلسطينية خالية من الفساد، و قد يكون مغيب أو أنه تم خداعه من قبل مستشاريه الذين يشغلون مقاعدهم منذ نشأة السلطة الفلسطينية دون استحداث يذكر. و قال عباس” فلتأتي كل دول لجان الفساد في العالم، سيروا و يتأكدوا بأن دولتنا الوليدة خالية من الفساد”.
كما انتقد قرار الولايات المتحدة بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وسحب 840 مليون دولار من المساعدات التي كانت تصل الأونروا. وقال ”أنا لا أعرف من قدم له هذه النصيحة غير المقبولة. اعلم ان السيد ترامب ليس هكذا “.
الناشط عامر حمدان من الضفة الغربية علق في فيديو نشر على صفحته في الفيسبوك بشأن الفساد الذي تطرق اليه عباس في خطابه بالقول “أن الاتحاد الاوروبي يسمع منا و لا يحترمنا لأنه يعرف بأنه عندنا فساد”. و أوضح حمدان الى جمهوره في الفيديو عبر صفحته التي تضم قرابة 34 الف متابع، بأنه قرر عدم الاستماع الى الخطابات بعد خطاب الرئيس في جامعة الدول العربية. و يرى أن الرد على الصفقة في مجلس الأمن كان “تسجيل تحفظ فقط بالقول لا لصفقة القرن، ولا يوجد خطوات قادمة”.
و التقى عباس و مستشاريه عقب انتهائهم من مجلس الأمن، مع رئيس الوزراء السابق أيهود أولمرت الذي قاد حرب على غزة عام 2008، و عقدا مؤتمر صحفي أعلنا رفضهما لـ “صفقة القرن”. لكن أولمرت لم يعد يمثل أي جهة رسمية في حكومة الاحتلال
الاسرائيلي، و قد لا تعود هذه الخطوة باي فائدة على الفلسطينيين. يذكر أن أولمرت أدين بتهم فساد في السابق، و في ديسمبر من عام 2015 حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات و أفرج عنه بعد عام و نصف العام بعد تخفيض الحكم.
كما علق الناشط حمدان بأن “أولمرت ليس له أية قيمة في إسرائيل، وهو عَلَقة على أكتاف الشعب الفلسطيني و يريد أن يسجل موقف سياسي، هدفه لفت أنتباه الشارع الاسرائيلي”. و يرى حمدان أنه كان يفترض على القيادة أن تقول في مجلس الأمن أن الشعب الفلسطيني و السلطة التزموا بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل اقتصاديا و سياسيا و أمنيا، الا أن اسرائيل لم تلتزم بأية اتفاقية، و في حال لم تعود الى الالتزام بما تم الاتفاق عليه سابقا، فأن وجود السلطة الوطنية الفلسطينية و عدمها أصبح واحد، و بناء على ذلك، أن تمهل المجتمع الدولي بشكل جدي الى الضغط الصحيح و الفعلي على امريكا و اسرائيل، و اول الخطوات التي يجب أن تقوم بها السلطة هو سحب الممثليات في كل دول العالم و العودة الفورية الى الاراضي الفلسطينية.
الصحفي أحمد البديري من القدس المحتلة، يرى أن الخطاب ليس “تاريخيا” كما أعلنت الخارجية الفلسطينية قبل يوم من خطاب الرئيس. و قال البديري في منشور على صفحته، “الخطاب ليس “تاريخيا” طالما ان الخيار الوحيد هو السلام وانتظار رجل السلام الاسرائيلي الخفي.. لم يكن بالشوارع مئات الالاف لان الشارع لا يؤمن بكثير مما قاله الرئيس.. العالم غير مكترث طالما لم يُقدم تغيير حقيقي للادوات الفلسطينية والعربية معا.. العالم مرتاح ان العنف هو الارهاب غير مقبول غير مسموح.. نفس الادوات ونفس الاشخاص تأتي بنفس النتائج .. الطبقة الاقتصادية وكبار الموظفين في السلطة كلهم صفقوا للخطاب.. طالما لا يهدد مصالحهم المرتبطة باستقرار الحال” .