ما بعد التشريعي.. سيناريوهات في الحالة السياسية الفلسطينية القادمة

بدأ العد التنازلي للإستحقاق الفلسطيني المتمثل بإجراء انتخابات تشريعية في ٢٢ مايو/ آيار المقبل على أن يتبعها انتخابات رئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني.
وفي الوقوف على ملف التشريعي،وفي ضوء التطورات الحالية تشير المعطيات الى اجراء الانتخابات في موعدها دون الغاء أو تأجيل. 

“تساؤلات حول مستقبل الحياة السياسية الفلسطينية” 

تنشغل أوساط التحليل السياسي المحلية والاقليمية في نتائج المجلس التشريعي ورغم ضبابية المشهد حتى اللحظة يتفق المحللون والمهتمون بالشأن الفلسطيني في ضرورة انضاج مخرجات تسمح بتشكيل حكومة فلسطينية قادرة على التعامل مع التحديات الكبيرة التي خلقتها الظروف في ال 15 عاما الماضي.
ذلك أن البيئة السياسية الاجتماعية الاقتصادية ليست هي نفسها التي كانت قائمة من قبل، وتتضح ملامح هذه البيئة فيما يلي : 

١- قيام نتنياهو في تشكيل حكومة اسرائيلة جديدة بعد “٤” جولات انتخابية في اشارة الى استمرار صعود اليمين المتطرف وحلقاته ومشروعه التوسعي والذي يمتد ليشتبك اقليميا ودوليا وهو ما يعني بالضرورة قيام حكومة فلسطينية تجيد المواجهة وفق أعلى درجات من العمل السياسي المحترف والناضج والدبلوماسية المناورة. 

٢- المناخ الاجتماعي الفلسطيني، نشأت في ظلال هيمنة ابو مازن خلال 15 عاما اختلالات كبيرة في البنى التحتية الاجتماعية الفلسطينية خلقتها ظروف غياب الحريات العامة والسياسية والتحول في شكل العلاقة بين السلطة والشعب على أساس من القبضة الأمنية والتغول وسياسات الأمر الواقع ،
الأمر الذي بات يدفع بشريحة واسعة من المجتمع المحلي لنبذ كل القيادات الحالية والبحث عن بديل يرون فيه مخرجا اضطراريا للأزمة. 

٣- الواقع الاقتصادي، ساهم النموذج النيوليبرالي الذي قاده سلام فياض في تحطيم الاقتصاد الوطني الفلسطيني وفي تحطيم مستويات المعيشة ، عبر مجموعة من الإجراءات الاقتصادية القائمة على قواعد التمويل والخصخصة، بما استهدف بشكل واضح الطبقة الوسطى وتعميق واقع الطبقة الفقيرة .
وتحول المواطن الفلسطيني من نموذج المواطن المنتج الى مواطن ممتلئ بالديون ويتسلل أكثرهم للعمل في دولة الاحتلال.
إن مستويات القهر الاقتصادي التي تطال كل فرد فلسطيني تستدعي من الحكومة القادمة توفير البيئة اللائقة للوصول الى بر الآمان في أقل تقدير وتفاديا لأي ردات فعل عنيفة يقودها الفقر والجوع والبطالة. 

٤- تطورات إقليمية ودولية :
تجري الانتخابات الفلسطينية في ظل تطورات متسارعة سواء تلك التي تحدث على ايقاع الجوار الاقليمي أو الساحة الدولية.
في الاقليم تجري مفاوضات يتشارك فيها كل الأطراف على إعادة ترسيم المنطقة ” جيوسياسيا ” وتحديد موازين القوى في صراع لعبة المحاور يتخللها ايضا ارتفاع مستويات العلاقة العريية الاسرائيلية الى درجات غير مسبوقة ” التطبيع ” .
وفي حين يرمي المعسكر القطري التركي كل استثماراته لصالح الاسلام السياسي، يتخوف معسكر الأردن ومصر والسعودية والإمارات من حالة الانقسام الهائل في حركة فتح، مستويات القلق الاقليمي هذه تمثلت في زيارة مدير مخابرات مصر والاردن الى رام الله، والحديث الذي جمعهما مع محمود عباس، على ضرورة توحيد صف الحركة وتجاوز الخلافات بأي ثمن.
ودوليا، تأتي الإدارة الامريكية بسياسة متدنية التدخل في الشرق الاوسط لانشغالاتها في ملفين الصين وروسيا من جهة والاتفاق النووي الايراني.
وعلى الرغم من أن الديموقراطيين لغوا الواقع الذي أسس له ترامب وأعادوا التمويل الموقوف للفلسطينيين، والغى بادين اجراء نقل السفارة الى القدس وأكد على حل الدولتين في سياق انهاء الصراع .
الا أن الولايات المتحدة لن يكون لها دور فاعل متدخل كما كان سابقا.
هذه التطورات تفرض بلا أي مواربة، وجود قيادة سياسية تدرك موازين القوى جيداً وتقود ملف القضية الفلسطينية على أوسع جبهات ممكنة وتحتفظ بكل أنواع حق تقرير المصير.
وهو ما لا يحدث الا في مخرجات انتخابية تتجاوز حالة الاستهلاك وتستبدل الوجوه المالحة بوجوه أكثر حيوية وتضع المصلحة الوطنية الفلسطينية كأولى الأولويات وتغادر الشخصنة وضيق الأفق الى فضاءات العمل الجماعي التشاركي العام.

Exit mobile version