قطر وممارسة” الغَسيل الرياضي” لبطولة كأس العالم من جنيف

قطر

ادعاءات جديدة بتقديم قطر رشاوي من أجل الحصول على إستضافة المونديال

على بُعدِ بضع مِئات من الأمتار فَقَط فوق نادي المِلاحة الشِراعية الحَصري في حَي ‘كولونيه’ الفاخر، يَنتَصِب مَقَر إقامة المَندوب الدائِم لِدَولة قطر لدى الأمم المتحدة في جنيف، الذي يُشرِف على بُحيرة المدينة الخلّابة وعلى مكاتب المنظمة الدولية.

كان اقتناء الفيلّا التي تبلُغ مَسَاحتها 550 متراً مُربعاً وتَقَع على أكثر من هكتارين من الأرض قد تمَّ قَبل عامٍ من إعلان سيب بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” (FIFA) آنذاك، فَوز قطر بِمَلَف استضافة النُسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم وَسط دَهشة الكثيرين. والاتحاد الدولي “FIFA”، التي يَقَع مَقَرَّها في مدينة زيورخ السويسرية، هي الهيئة الرياضية الدولية المُنَظِمة لِلُعبة كُرة القدم في العالم، والتي تُقام منافسات كأس العالم لهذه اللعبة تحت إشرافها.

كان بلاتَّر قد أعلن في ديسمبر 2010، عن فَوز قَطَر بِورقة استضافة نِهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وقد أثارَ مَشهَد الابتِهاج الذي كثيراً ما يُعيده القطريون مشاهدته، ورُدود الأفعال المُتفاجِئة لأعضاء الوفود المُتنافسة الأخرى، شكوكاً مُعَيَّنة بين المُراقبين الذين يَضَعون الاتحاد الدولي لكرة القدم  تَحتَ المِجهَر منذ فترة طويلة.

ليس لدى قطر تاريخ رياضي كبير، كما لا يوجد لديها سِجِّل للتَأهُل لكأس العالم على الإطلاق. لهذا السبب، واجَهت الإمارة كَدَولة مُضيفة للمونديال عَقَبة تجاوز متوسط درجات حراراتها صيفاً 40 درجة مئوية. وحتى لو كانت الدولة الغنية بالثروات الطبيعية قد جادَلَت بِعَكس ذلك، إلّا أن إقامة هذا الحَدَث الرياضي الضَخم في شهري يونيو ويوليو – كما جَرَت عليه العادة – كان سيكون مَحفوفاً بالمَخاطر خاصَّة بالنسبة للاعبين.

في آخر المَطاف، تَوَصَّلَت “دراسات جدوى” داخلية للاتحاد الدولي لكرة القدم إلى استِنتاج مَفاده أن البطولة لَنْ تَكون مُجدية خلال أشهر الصيف المُعتادة. لذلك، تم تأكيد إقامة البطولة في الفترة من 20 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر 2022 في قطر، الأمر الذي أدّى إلى يأس مُنَظّمي البُطولة الأوروبية والمُشَجِعين على حَدِّ سواء.

كانت الولايات المُتحدة والمملكة المُتَّحدة، اللتان تقدمتا أيضاً بِطلَب لاستضافة كأسي العالم 2018 و2022 إلى جانب كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا، تُعتَبَران من الدول المُرَشَّحة المُفَضَّلة لهذا الحَدَث. لكن الضَغط المُكثف من جانِب قطر، ومَيل الفيفا المُثير للجَدَل إلى اختيار الإمارة لإنجاز المُهِمة، واستِضافة البطولة في منطقة لا يَزال بالإمكان أن تنمو الرياضة فيها، جاءَت كلها في صالح قطر. وكان جيروم فالكه، الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم، قد اعتَرَف في عام 2013 بأن “قَدَراً أقل من الديمقراطية قد يكون أفضَل أحياناً لِتَنظيم كأس العالم”. وقد أُنهيَت خدمات فالكة في الفيفا لاحِقاً، كما أدين في سويسرا مؤخراً بِتُهمة قبول رشاوى وتزوير وثائق تتعلق بصفقات بَثّ كأس العالم لكرة القدم.

في عام 2015، أدت تحقيقات في الولايات المتحدة وسويسرا إلى الكَشْفِ عن فَضيحة فَسادٍ واسعة النطاق في الفيفا، تلاها اعتقال مسؤولين كبار واستقالة بلاتَّر من رِئاسة الاتحاد.

وبرغم فَوزِها باستضافة البطولة، إلا أن سُمعة قَطَر كَمضيف رياضي شَفاف وموثوق تعرضت إلى الاهتزاز. كما ساءَت سُمعَتها بشكل أكبَر مع سَعيها المَحموم لتَحويل مَلَف استضافة كأس العالم إلى حقيقة واقِعة. وأصبحت التقارير الصادِرة عن جماعات حقوق الإنسان، وفِرَق كرة القدم الوطنية، حول سوء مُعاملة ووفاة آلاف العُمّال الوافدين الذين يُشَيِّدون البُنية التَحتية لكأس العالم 2022 عِبئاً مُتزايداً على الصورة الإيجابية التي كانت البلاد حريصة على نَقلها.

و سَعَتْ قَطَر حتى قَبل فَوزِها بِتَنظيم هذه النهائيات إلى حَشد الدَعم بين المنظمات الرياضية، ورؤساء الدول والدبلوماسيين. وقد اختارت الإمارة الخليجية مدينة جنيف كَموَقعٍ لِقِيادة حَملة علاقات عامة واسعة.

ويوضح هذا التحقيق المُكَوَّن من ثلاثة أجزاء، المَدى الذي ذهبت إليه قطر لِتَحسين سمعتها، والدَور الذي لَعِبَته جنيف في هذه العمليات التسويقية المثيرة.

ـــــــــــ

نشر هذا التقرير لاول مرة على Swis info
بدون رقابة - Swis Info
Exit mobile version