يشكل التوتر الطائفي المتفاقم في لبنان اختبارا لتحالف بين جماعة حزب الله وعون “الرئيس المسيحي”، إذ قد يخسر تحالفهما أرضا لصالح منافسيه الذين يُصعّدون من المعارضة لنفوذ الجماعة المدعومة من إيران.
يعتقد محللون أن الانقسامات التي تعمقت منذ اندلاع أعمال عنف في بيروت الأسبوع الماضي قد تصب في المصلحة السياسية لخصم عون منذ زمن، المسيحي سمير جعجع، وهو معارض لحزب الله.
محتويات الخبر
تحالف حزب الله وعون
وتحالف حزب الله مع عون علامة مميزة ومهيمنة على الساحة السياسية اللبنانية منذ 2006، إذ ساعد حزب الله عون على أن يصبح رئيسا في 2016 بينما قدم عون دعما مسيحيا محوريا لتسليح حزب الله الذي أصبح يملك قوة أكثر من الجيش اللبناني.
لكن التوتر يتصاعد، لا سيما مع معارضة حزب الله للتحقيق في انفجار المرفأ الكارثي الذي قتل العديد من المسلمين مع من قتل، لكن أغلب أضراره لحقت بمناطق مسيحية في العاصمة.
واحتدمت معضلة عون الأسبوع الماضي عندما تفاقم التوتر بشأن التحقيق ليشعل شرارة أسوأ أعمال عنف في الشوارع تشهدها بيروت منذ سنوات بما أعاد للأذهان مشاهد الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
وأسفرت أحداث العنف تلك عن مقتل سبعة كلهم من الشيعة، فيما وصفه حزب الله بأنه كمين نصبه حزب القوات اللبنانية المسيحي بزعامة جعجع.
تصريح حزب الله
ونفى حزب القوات اللبنانية ذلك وألقى باللائمة في إثارة الاضطرابات على الجانب الآخر بإرساله أنصاره لحي مسيحي هو عين الرمانة حيث يقول إن أربعة سكان أصيبوا قبل أن تنطلق أي رصاصة.
وبدأت أعمال العنف مع احتشاد أنصار لحركة أمل، حليفة حزب الله، لتنظيم احتجاج للمطالبة بتنحية القاضي طارق بيطار عن تحقيق انفجار المرفأ الذي قتل أكثر من مئتي شخص.
وقال مصدر مطلع على فكر التيار الوطني الحر الذي أسسه عون “اليوم، لدينا مسيحيون يرفضون هذه المشاهد التي تعيد ذكريات الحرب الأهلية وفي ذات الوقت ليسوا سعداء بالطريقة التي يعبر بها الشيعة عن معارضتهم لمسألة القاضي بيطار”.
وأضاف المصدر أن التيار الوطني الحر وحزب الله لم يقررا بعد أن يسلك كل منهما طريقا لكن مسار الأحداث يباعدهما.
ولم يرد مسؤولون من التيار الوطني الحر بعد على طلب من رويترز للحصول على تعليق.
وفي أول كلمة له منذ أحداث العنف الأخيرة قال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله إن حزب القوات اللبنانية يرى نفسه حاميا للدم المسيحي لكن حزب الله ليس عدوا للمسيحيين.
وأضاف أن حزب القوات اللبنانية عارض تفاهم جماعته مع التيار الوطني الحر عند قيام التحالف عام 2006 لأنه “لا يريد للمسلمين والمسيحيين أن ينفتحوا على بعضهم”.
ولم يصدر رد فوري من حزب القوات اللبنانية على تصريحات نصر الله.
إتهام حزب الله لبيطار
يتهم حزب الله بيطار بالتحيز، إذ سعى القاضي لاستجواب بعض حلفائه للاشتباه في إهمال أدى لوقوع أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة على الإطلاق.
وقال جعجع، الذي يساند بيطار، إن مواجهات الخميس بدأت عندما خرّب أنصار لحزب الله وحركة أمل سيارات واشتبكوا مع السكان وحاولوا دخول منازل في عين الرمانة.
وقال جعجع في مقابلة في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة إن القوات اللبنانية لم تدافع عن الحي بل “كل أهالي عين الرمانة قاموا بذلك”.
ويرى مهند حاج علي من مركز كارنيجي الشرق الأوسط أن وجهة النظر أن عين الرمانة تعرضت للهجوم شائعة بين المسيحيين.
وقال “هناك نوع من الاتفاق بين المسيحيين بشأن دعم تحقيق انفجار المرفأ والحق في الدفاع عن النفس وأن حزب الله وحركة أمل هاجما المنطقة قبل أن يتعرضوا للهجوم… جعجع حتى الآن يبدو أنه اكتسب بعض الشعبية في أوساط المسيحيين”.
وقال نبيل بو منصف، نائب رئيس تحرير صحيفة النهار، إن التيار الوطني الحر ارتكب خطأ عندما اتهم جعجع بالضلوع في العنف إذ أكسبه ذلك تعاطفا واسعا بين المسيحيين.
وأضاف لرويترز أنه يرى التيار الوطني الحر بوصفه الخاسر الأكبر.
تحقيق الجيش في القضية
ويجري الجيش تحقيقا في أعمال العنف التي وقعت الخميس في بيروت. وقال الجيش في البداية إن إطلاق نار استهدف المحتجين لكنه قال فيما بعد إنه حدثت مشادات ووقع تبادل لإطلاق النار بينما كان محتجون في طريقهم للمشاركة في المظاهرة.
ويخضع جندي يشتبه في أنه أطلق النار صوب المحتجين للتحقيق.
والتيار الوطني الحر هو أكبر الأحزاب المسيحية في لبنان. وفي الانتخابات البرلمانية السابقة في البلاد في 2018، تمكن التيار الوطني الحر وحزب الله وأحزاب أخرى مؤيدة لحيازة حزب الله للسلاح من تأمين الأغلبية في المجلس.
ويأمل معارضون لحزب الله أن يتغير ذلك في 2022، ويُنظر إلى المقاعد المسيحية باعتبارها مضمار التنافس الأساسي. وبخلاف انفجار المرفأ، خيّم الانهيار المالي الضخم على رئاسة عون إذ دفع بأكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى الفقر.
وتطرق جبران باسيل، زعيم التيار الوطني الحر وصهر عون، إلى حجج التحالف مع حزب الله في كلمة ألقاها يوم السبت بما شمل قتاله ضد متشددين على الحدود السورية. وبدا أنه ينحاز لموقف حزب الله بالتلميح إلى أن حزب القوات اللبنانية هو الجهة التي يوجه لها اللوم على أعمال العنف وكرر انتقادات كانت صادرة عن حزب الله للتحقيق عندما قال إنه يُجرى بطريقة وصفها بأنها انتقائية.
لكن باسيل قال إن من غير الواضح إن كان بيطار نفسه مُسيسا وإن التحقيق يجب أن يستمر وأضاف أنهم سيواجهون من يحاولون عرقلة هذا الملف، على حد قوله.
أقرأ أيضًا: