السفارات الفلسطينية.. “نفقات بمئات الملايين وسفراء خارج الخدمة”

(الصورة: Screen Grab)

بدون رقابة

أثارت حالة الضعف التي ظهر بها السفير الفلسطيني في اسبانيا كفاح عودة، خلال لقاء تلفزيوني على قناة  تلفزيون اسبانية، الكثير من الجدل في الأوساط الفلسطينية، وفتحت الباب واسعا على ملف الدبلوماسية الفلسطينية.

مواقع التواصل الاجتماعي، ضجت بالكثير من الانتقادات اللاذعة للسفير ووزارة الخارجية بعد هذه المقابلة، ليبدأ التساؤل عن الآلية التي يتم فيها اختيار سفراء فلسطين في الخارج.

بعض السفارات الاجنبيه الموجوده في فلسطين وسبب وجودها

كانت بدون رقابة، قد تابعت المقابلة التي اجراها السفير كفاح عودة يوم 18 مايو، ولم يتسنى الحصول على تعليق من السفارة الفلسطينية في اسبانيا، خلال محاولات الاتصال، قبل ان تقوم بنشرها في وقت لاحق.

فتح ظهور السفير بمظهر ضعيف خلال المقابلة، التساؤلات عن الدور الدبلوماسي الذي تقوم به السفارات الفلسطينية المترامية في جميع دول العالم، وعن أهميتها في الوقت الذي تحتاج فيه فلسطين، إلى دبلوماسية قوية من أجل كسب التعاطف الدولي مع القضية الفلسطينية التي تشهد تنكراً دوليا لحقوق الفلسطينيين.

يقول مغردون أن السلطة الفلسطينية التي اختارت المفاوضات وطريق الدبلوماسية خيارا لها بديلا عن المقاومة، لتحصيل حقوق الفلسطينيين وإقامة دولتهم المستقلة، منذ عام 1994 لم تنجح في استعادة شبرا واحدا من فلسطين، كم أنها وعبر دبلوماسييها المنتشرين لم تستطع حشد المواقف الدولية لصالح القضية في أي مرة، حتى أنها تفشل دائما في ادانة إسرائيل أمام العالم، رغم ارتكابها جرائم بشعة بحق الشعب الفلسطيني.

سفارات السلطة في أوروبا.. عدد كبير دون فائدة بتقديم المساعدة

ويرى مراقبون أن الدبلوماسية الفلسطينية فشلت فشلا ذريعا في تصدير القضية الفلسطينية للعالم، بل على العكس من ذلك خسرت فلسطين دولا كانت مؤيدة تقليديا للفلسطينيين خاصة في القارة الافريقية، ولم تستطع حشد موقف عربي رافض للتطبيع مع “إسرائيل” وموقف دولي رافض لصفقة القرن.

فمن ابجديات عمل السفارات لدولة محتلة، هم محاولة كسب تأييد الدول لصالح القضية بشكل متكرر، وسحب مواقف رسمية منها لإدانة المجازر بحق أهل فلسطيني، لكن يتساءل مواطن، ماذا تفعل سفاراتنا وماذا قدمت للقضية الفلسطينية؟.

القنصليات الأجنبية في فلسطين

يبلغ عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية الفلسطينية المنتشرة في العالم الآن أكثر من 94 بعثة وفق الإحصاءات المتوفرة، وهي موزعة كالتالي: 25 بعثة في أفريقيا، 25 في آسيا، 32 في أوروبا، 5 في أميركا الشمالية، 6 في أميركا الجنوبية، وواحدة في أوقيانوسيا. هذا فضلا عن الوفود والمكاتب التمثيلية التي تمثل السلطة الفلسطينية في بعض الدول التي لا تعترف بدولة فلسطين أو تعترف بها جزئيا، وهناك وفود ومكاتب تمثيلية في عدد من المنظمات الدولية.

تناول العديد من الكتاب الفلسطينيين السفارات الفلسطينية في الخارج مستوى أداء هذه السفارات ومعاملتها مع الفلسطينيين المراجعين، ووجهوا لها عددا من الانتقادات، وتطرقوا الى حجم الفساد الموجود فيها.

حيث كتب محمود عريقات مقالا بعنوان: “الطفيليات في السفارات الفلسطينية،” شارحا فيه بعض أوجه الفساد والتقصير. وكتب آخر مقالا بعنوان: “سفاراتنا: الفساد بأظافر وأنياب”، وكتب الدكتور فهمي شراب عددا من المقالات منها “بعض سفارات فلسطين وصمة عار،” تحدث فيها عن فساد سفارات فلسطين في الخارج، وعن إهمال السفراء و إساءاتهم للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني. 

شهادات كثيرة استمعنا لها من طلاب وجاليات فلسطينية موجودة في دول عربية واجنبية، وكان هناك شبه إجماع بينهم على التنديد بالسفراء والسفارات، وعن أن هذه السفارات لا تحتضنهم ولا تقدم لهم أي مساعدة في حال احتاجوها، كما أنها تتعامل معهم بطريقة غير لائقة، وأنها تدار بالوساطات والمحسوبيات وتميز بين الفلسطينيين.

ويروي تاجر فلسطيني لـ بدون رقابة، يعمل في إحدى الدول الأوروبية، معاملة السفارة مع الجالية الفلسطينية هناك، فيقول، إن السفير مشغول غالبا باللهو والمتع، وقلما تشغل باله القضية الفلسطينية.
ويضيف صحفي فَضل عدم الافصاح عن هويته، يعمل مراسلا لتغطية الاحداث الفلسطينية في أوروبا، أن بعض السفراء لا يكلفون أنفسهم حتى عناء حضور محاضرات وندوات حول القضية الفلسطينية.

الموازنات التي تستهلكها

تقدّر ميزانية السفارات الفلسطينية من الموازنة العامة بحوالي 245 مليون شيقل سنويا، يذهب منها 120 مليون شيقل، كرواتب للموظفين، و42 مليون شيقل إيجارات للسفراء والعاملين، و58 مليون شيقل مصاريف تشغيلية أخرى غير الإيجارات، و16 مليون شيقل تحت بند منافع اجتماعية، مع الإشارة إلى أن ميزانية السفارات منفصلة عن ميزانية وزارة الخارجية التي تقدّر ميزانيتها بـ 68 مليون شيقل.

ويتقاضى السفير الفلسطيني -هناك أشخاص برتبة سفير وليسوا سفراء- راتب أساسي (حد أدنى) 13.9 ألف شيقل، والمستشار أول 10.6 ألف شيقل، والمستشار 9.2 ألف شيقل، والسكرتير الأول 7800 شيقل، والسكرتير الثاني 7300 شيقل، والسكرتير الثالث 6300 شيقل والملحق 5200 شيقل، يضاف اليها علاوات على الراتب الأساسي تصل الى 16%، وعلاوات بدل غلاء معيشة تصل الى 450%، وبدل سكن وبدل تعليم.

وتؤكد دراسة قام بها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة “أمان” أن موظفي السلك الدبلوماسي من الفئات التي تتقاضى رواتب عالية مقارنة بباقي الموظفين، وهناك فجوة كبيرة بين رواتبهم وموظفي القطاع العام في السلطة الفلسطينية.

الية التوظيف واختبار السفراء

يقول الناشط السياسي ماجد العاروري أن الحالة المحرجة والصعبة التي ظهر بها السفير كفاح عودة في المقابلة المتلفزة، ربما تنطبق على الكثير من السفراء الفلسطينيين، الذين يركزون في عملهم الدبلوماسي على التجارة ومصالحهم الشخصية وبناء ثرواتهم على حساب العمل من أجل القضية الفلسطينية، التي لم يتمكن هؤلاء السفراء من إيصال صوتها للكثير من دول العالم، لدرجة أن الدبلوماسية الإسرائيلية نجحت في كسب تعاطف شعوب العالم معها، عبر تصوير الانسان الفلسطيني بالمجرم والمحب للدماء، والانسان الإسرائيلي برجل السلام الذي يريد العيش في بلده دون عنف.

ويرى العاروري أن سبب “كارثة” السلك الدبلوماسي هو عدم وجود معايير شفافة في تعيين منصب السفراء والدبلوماسيين، حيث يتم ذلك بطريقة استرضائية لفئة محددة من الحزب الحاكم، تعتقد انها هي الاحق بامتيازات البلد، ولا يتم اختيار المرشحين حسب الكفاءة، وكأنها أشبه بكعكة يتم توزيعها على الأصدقاء والاحباب. بحسب تعبيره.

Exit mobile version